ZoSiMa Admin
عدد المساهمات : 188 تاريخ التسجيل : 23/12/2009 العمر : 39 الموقع : https://vmary.roo7.biz/
| موضوع: عظات البابا 9-12-2009 الخميس ديسمبر 24, 2009 1:23 pm | |
| تحدَّثنا فى المقال السابق عن أنواع من السرقات. واليوم نتحدَّث عن أنواع أخرى.
إن كُنَّا نقول إن الطالب الذي يغش في الامتحانات، إنما يسرق نجاحاً ليس له، فإننا نقول أيضاً أن الأستاذ الذي يقسو بطريقة ظالمة على طالب في الامتحان فيخفض درجاته، هو أيضاً يسرق من هذا الطالب تفوقه. والعجيب أنه لا يستفيد لنفسه شيئاً من هذه السرقة.
- إن العشور عند المسيحيين، والزكاة عند المسلمين، هى جزء من مالهم ليس لهم، وإنما للفقراء والمحتاجين وأعمال البِرّ. فالذي لا يدفعها لأصحابها يكون قد سرق منهم حقهم. بل يكون أيضاً قد سرق من اللَّه نفسه حقه في هذا المال. فإن لم يدفع العشور ولم يدفع الزكاة واستبقاها في جيبه، يكون ذلك مالاً حراماً عنده ليس من حقه أن يتصرَّف فيه.
- هناك سرقات في محيط التجارة، يظن فيها التاجر أنها مهارة منه وفن يوصِّلان إلى أكبر ربح ممكن. ومن وسائل هذه السرقات الغش في التجارة. كأن يبيع إنسان شيئاً به تلف على أنه شيء سليم، مُستغلاً عدم اكتشاف الشاري للعيب الموضوع في هذه البضاعة. ما أنبل البائع الذى بكل أمانة يُنبِّه المشترى إلى العيب أو التَّلف الموجود فى بضاعته. وحينئذ ستسمو منزلته فى عين مَن يشترى منه ويثق به. وقد يقول البعض إن مثل هذا البائع سوف لا يبيع. كلاَّ إنه سيبيع ولكن بثمن يناسب العيب الموجود فى بضاعته. إنه ثمن أقل ولكنه مال حلال فيه بركة. أمَّا لو أخفى العيب فإنه يكون قد سرق الفرق بين ثمن البضاعة التى فيها عيب والتى ليس فيها.
ويمكن أن ينضم تحت عنوان بيع الأشياء التالفة على أنها سليمة، مَن يبيعك أشياء مستعملة مُدَّعياً أنها جديدة. أو مَن يتفق معك على صنف مُعيَّن، وعند التسليم يستبدله بشيء آخر أقل جودة أو أقل قيمة.
ومن الغش أيضاً أن يبيع التاجر شيئاً بغير اسمه: كأن يبيعك مثلاً حريراً صناعياً على اعتبار أنه حرير طبيعي، وأنت غير خبير بالحرير وأنواعه! أو يبيعك معدناً مطلياً بقشرة من ذهب على أنه ذهب خالص وبسعر الذهب. ويدخل أيضاً في هذا المجال بيع قطع الآثار المغشوشة أو المقلَّدة ومُصنَّعة ... أمَّا إذا باعك آثاراً حقيقية، فيكون أمامه سؤال خطير وهو من أين أتى بها. ويكون حينئذ سارقاً لهذه الآثار من الدولة، ويكون الشاري شريكاً معه في السرقة.
- ومن الغش والواضح الصريح في التجارة، غش المكاييل والموازين والمقاييس. وهنا لا يكون الغش في نوع البضاعة أو جودتها، وإنما في مقدارها. إذ يأخذ المشتري كمية أقل من حقه. ويكون الذي ينقصه سرقة من البائع.
- هناك سرقة أخرى فى التجارة عن طريق الجشع ورفع الأسعار: وتكون هذه السرقة نوعاً من الإبتزاز لمال المُشتري. إن اللَّه يسمح للتاجر أن يكسب فى حدود المعقول. أمَّا الربح الفاحش المملوء من الجشع الخالي من الرحمة، فلا يوجد دين يقرّه. إنه سرقة مستترة.
وقد تأتي هذه السرقة عن طريق الاحتكار: بأن يكون التاجر هو الصانع الوحيد أو المستورد الوحيد لهذا الصنف، أو الوكيل الوحيد المتعهد ببيعه. وعند إذن يفرض أسعاراً باهظة مستغلاً حالة المشترى. وهكذا ينهب أموال الناس، ويشترون وهم مُكرَهون ومضطرون.
- وقد تحدث مثل هذه السرقة عن طريق السوق السوداء. تحدث عندما يخزن البائع عنده البضاعة حتى تنفذ من السوق. وقد يشترى هو نفسه منها ويظل يخزن إلى أن تخلو منها باقى الأماكن. وعند إذن يكشف عن وجودها عنده، ويفرض سعراً خيالياً لبيعها، مستغلاً حاجة المشترين إليها، لكي يبتذ أموالهم. ويكون سارقاً لهم بطريق غير مباشر.
فالسرقة تأتي عن طريق الاستغلال. إذ يستغل التاجر أنه البائع الوحيد، وأن المشتري محتاج، وعامل الوقت في صالحه. فيفرض سعراً ويرغم المشتري على دفعه. وتكون الزيادة الفاحشة نوع من السرقة.
- توجد أمور أخرى تدخل في نطاق السرقة مثل التلاعب بالأسواق. كما يفعل بعض التجار فى المضاربات. إذ يرفعون الأسعار أحياناً ويخفضونها أحياناً أخرى. وفى خلال ذلك يضيع كثير من التجار الصغار. وتُبتز أموالهم لصالح المضاربين الكبار.
ويدخل فى نطاق السرقة أيضاً: المشروعات الاقتصادية الوهمية، التى تُجمع منها أموال الناس بدعايات مغرية، يتضح فيما بعد أنها أنواع من النصب تهدف إلى السرقة.
ويدخل في مثل هذا النصب، الوعد بتدبير عمل خارج البلاد، وتدبير السفر بالغش، وأخذ أموال مقابل ذلك. وينتهي الأمر إلى لا شيء!!
- ومن أنواع الغش في غير مجال التجارة: الغش في الزواج: كأن يتزوج إنسان فتاة على أنها بِكر، ويكتشف أنها غير ذلك. وأمثال هذه الزيجة تنتهي غالباً إلى البطلان. ومن الغش في الزواج أيضاً بعض أمور مالية عديدة ليس مجالها الآن.
وهناك أنواع من الغش تدخل في مجال الطب. مثل سرقة الأعضاء. كأن يسرق جراح عضواً من مريض لاستغلاله في علاج مريض آخر. وهذا أمر نادر. ولكنه يحدث أحياناً.
ومن الخطورة أيضاً الغش في الدواء وخصوصاً إذا كانت تتوقف على ذلك حياة إنسان. مثال ذلك ما يُنقل إلى جسد المريض من دم ملوث على أنه دم سليم مفيد! أو يتناول أدوية تكون فاقدة للعنصر الأساسي فيها الفعالة ... إن الغش في الدواء الذي يؤثِّر على حياة الإنسان يجب أن يكون القانون حازماً جداً في معاقبته. لأنه يختلف جوهرياً ومصيرياً عن الغش في إحدى السِّلع.
- وهناك سرقة أيضاً يقع فيها المشتري وليس البائع. وذلك عن طريق التَّشدُّد الزائد في الثمن لكي يأخذ بأرخص ما يمكن. وقد يكون ذلك مع بائع فقير في احتياج أن يبيع بضاعته بأي ثمن من أجل أن يحصل على قوته الضروري. إن كثيراً من المساوامات مع الباعة الفقراء تدل على قساوة في قلب المُشتري. |
| |
|